سادساً :
هل من المحبة أن تصف الآخرين بالكلاب والخنازير؟ اقرأ معي هذا المثال من إنجيل متى [ 15 : 26 ] : " ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَانْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي صُورَ وَصَيْدَاءَ. وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ: ارْحَمْنِي يَا سَيِّدُ يَا ابْنَ دَاوُدَ. ابْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدّاً. فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: اصْرِفْهَا لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا! فَأَجَابَ: لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ. فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً : يَا سَيِّدُ أَعِنِّي! فَأَجَابَ: لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ ". ( ترجمة فاندايك )
والآن - أخي القارئ -
إذا كنا لا نريد أن نساعد الآخرين لأي سبب كان ، فهل نصفهم بالكلاب؟!
مرة أخرى يصف المسيح البعض بالكلاب بل و بالخنازير ، فيقول بحسب متى [ 7 : 6 ] : " لاَ تُعْطُوا الْمُقَدَّسَ لِلْكِلاَبِ وَلاَ تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ الْخَنَازِيرِ لِئَلا تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِهَا وَتَلْتَفِتَ فَتُمَزِّقَكُمْ " ( ترجمة فاندايك )
بل ان كاتب إنجيل لوقا ينقل لنا بأن المسيح - عليه السلام - شتم أحد الذين استضافوه ليتغدى عنده في بيته :
لوقا 11 : 37 : "
وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ سَأَلَهُ فَرِّيسِيٌّ أَنْ يَتَغَدَّى عِنْدَهُ فَدَخَلَ وَاتَّكَأَ. وَأَمَّا الْفَرِّيسِيُّ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ تَعَجَّبَ أَنَّهُ لَمْ يَغْتَسِلْ أَوَّلاً قَبْلَ الْغَدَاءِ. فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: أَنْتُمُ الآنَ أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّونَ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالْقَصْعَةِ وَأَمَّا بَاطِنُكُمْ فَمَمْلُوءٌ اخْتِطَافاً وَخُبْثاً. يَا أَغْبِيَاءُ أَلَيْسَ الَّذِي صَنَعَ الْخَارِجَ صَنَعَ الدَّاخِلَ أَيْضاً؟ ... فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ النَّامُوسِيِّينَ: يَا مُعَلِّمُ حِينَ تَقُولُ هَذَا تَشْتِمُنَا نَحْنُ أَيْضاً. فَقَالَ : وَوَيْلٌ لَكُمْ أَنْتُمْ أَيُّهَا النَّامُوسِيُّونَ ". ( ترجمة فاندايك )
ان أي إنسان يحترم عقله يستطيع أن يدرك أن كلمة " يَا أَغْبِيَاءُ "التي قالها المسيح لمعلموا الشريعة وما جاء بعدها من كلمات ، انما هي شتيمة واضحة ، بدليل ان واحد من الناموسيين قد فهم تلقائيا ان ما كان يقوله المسيح لم يكن الا شتماً ، حتى انه قال للمسيح : " يَا مُعَلِّمُ حِينَ تَقُولُ هَذَا تَشْتِمُنَا نَحْنُ أَيْضاً ". ولم ينكر المسيح عليه فهمه ..
سابعاً : هل من المحبة انك تلعن شجرة لا ذنب لها؟
اقرأ معي هذا المثال من إنجيل مرقس [ 21 : 18 ] : "
وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعاً إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ، 19فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ ، وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئاً إِلاَّ وَرَقاً فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا: لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ ! فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ ".
أليس هذا العمل الذي قام به المسيح والمنسوب له ، هو أبعد ما يكون عن المحبة؟
ثامناً : هل من المحبة أنك تتسبب بمقتل ألفين حيوان؟
اقرأ معي هذا المثال من إنجيل مرقس [ 5 : 11 ] : " وَكَانَ هُنَاكَ قَطِيعٌ كَبِيرٌ مِنَ الْخَنَازِيرِ يَرْعَى عِنْدَ الْجَبَلِ، فَتَوَسَّلَتِ الأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلَةً: أَرْسِلْنَا إِلَى الْخَنَازِيرِ لِنَدْخُلَ فِيهَا! فَأَذِنَ لَهَا بِذَلِكَ. فَخَرَجَتِ الأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ وَدَخَلَتْ فِي الْخَنَازِيرِ، فَانْدَفَعَ قَطِيعُ الْخَنَازِيرِ مِنْ عَلَى حَافَةِ الْجَبَلِ إِلَى الْبُحَيْرَةِ، فَغَرِقَ فِيهَا. وَكَانَ عَدَدُهُ نَحْوَ أَلْفَيْنِ ".
ما ذنب الخنازير وصاحب الخنازير ، حينما أراد المسيح إخراج الشياطين من المجنون؟أما كان يمكن إخراج الشياطين دون الإضرار بالخنازير ؟!
ثم ما هو رأي جمعيات الرفق بالحيوان المنتشرة بالعالم ؟
وبلغة اليوم أليس هذا تخريباً اقتصادياً ؟!
تاسعاً : وهل من المحبة أنك تطلب من شخص ما ، أن يكره نفسه و أباه وأمه وزوجته .. حتى يكون لك تلميذا !!
اقرأ معي ما قاله يسوع طبقاً لما ورد في لوقا [ 14 : 26 ] : "
إِنْ جَاءَ إِلَيَّ أَحَدٌ، وَلَمْ يُبْغِضْ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَزَوْجَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وأَخَوَاتِهِ، بَلْ نَفْسَهُ أَيْضاً، فَلاَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَكُونَ تِلْمِيذاً لِي ". ( ترجمة فاندايك )
ان الذي يتمعن في هذا النص جيداً سيجد أن الكراهية هي أساس الإيمان لدي يسوع المسيح . . .فهو يطلب من الشخص أن يكره نفسه وأباه وأمه وزوجته . . . إلخ في سبيل الإيمان .
ان هذا التعليم المنسوب ليسوع يتناقض مع الحقيقة والمعقولية ، فنحن لا نجوز صدور هذا القول من رجل عادي وصف بالتقى والصلاح ، فكيف ينسب إلي نبي كريم . . فلا يمكن للإنسان أن يكره نفسه وأباه وأمه . . وهو يتناقض مع نص إنجيل متى الذي يحث على إكرام الوالدين ويحكم على من يشتمهما بأنه يستحق الموت [ متى 15 : 4 ]
ويحاول بعض المسيحيين التعليل لهذا التناقض فيقولون ان المقصود بكلمة البغض أي محبة أقل ! ولكنهم لم يوفقوا في تعليلهم ، فاللفظ الذي قد تضمنه النص السابق واضح في معناه ، فالبغض بمعنى الكراهية ، ولن يكون بمعنى (( الأقل محبة )) . وان كان المعنى فرضاً هو محبة أقل فهو يتناقض مع وصية المسيح : (( تحب قريبك كنفسك )) [ مرقس 12 : 31 ]
عاشراً : وهل من المحبة أنك تطلب إحضار معارضيك لكي تذبحهم بالسيف؟
اقرأ معي ما قاله المسيح طبقاً لما ورد في لوقا [ 19 : 27 ] :
"
أَمَّا أَعْدَائِي، أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي ". ( ترجمة فاندايك )
ويحاول المسيحيين الهروب من قسوة هذا النص بشتى المحاولات فتارة يقولون ان هذا سيكون يوم القيامة مع ان النص واضح فالمسيح يقول : " فأتوا بهم إلى هنا " وليس فيه أي اشارة ليوم القيامة وتارة يقولون ان هذا ( مثل ) ونحن نقول ان المثل انتهى عند الفقرة 26 من نفس الإصحاح ثم وإن كان هذا مثل أليس هو مثلاً قاسياً يتناقض مع محبة الأعداء التي أمر بها المسيح؟
الحادي عشر : لعلك قرأت -
أخي القارئ - عن سفيرة وحنانيا في سفر أعمال الرسل وكيف كانت نهايتهما المحزنة على يد بطرس الرسول .... لقد كانا عضوين في الجماعة المسيحية, وكان أعضاء الجماعة الأوائل يتخلون عن ممتلكاتهم كاملة للجماعة ويبدوا أنهما اخفيا بعضاً من هذه الممتلكات ولم يسلما كل شيء للرب وجنده المخلصون فانتهى الأمر بموتهما على يد بطرس الرسول دون إعطائهما أي فرصة للتوبة!
يقول كاتب سفر أعمال الرسل 5 : 1 :
" وَرَجُلٌ اسْمُهُ حَنَانِيَّا وَامْرَأَتُهُ سَفِّيرَةُ بَاعَ مُلْكاً وَاخْتَلَسَ مِنَ الثَّمَنِ وَامْرَأَتُهُ لَهَا خَبَرُ ذَلِكَ وَأَتَى بِجُزْءٍ وَوَضَعَهُ عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ. فَقَالَ بُطْرُسُ : (( يَا حَنَانِيَّا لِمَاذَا مَلأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ وَتَخْتَلِسَ مِنْ ثَمَنِ الْحَقْلِ؟ أَلَيْسَ وَهُوَ بَاقٍ كَانَ يَبْقَى لَكَ؟ وَلَمَّا بِيعَ أَلَمْ يَكُنْ فِي سُلْطَانِكَ؟ فَمَا بَالُكَ وَضَعْتَ فِي قَلْبِكَ هَذَا الأَمْرَ؟ أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّاسِ بَلْ عَلَى اللهِ )). فَلَمَّا سَمِعَ حَنَانِيَّا هَذَا الْكَلاَمَ وَقَعَ وَمَاتَ. وَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذَلِكَ. فَنَهَضَ الأَحْدَاثُ وَلَفُّوهُ وَحَمَلُوهُ خَارِجاً وَدَفَنُوهُ.ثُمَّ حَدَثَ بَعْدَ مُدَّةِ نَحْوِ ثَلاَثِ سَاعَاتٍ أَنَّ امْرَأَتَهُ دَخَلَتْ وَلَيْسَ لَهَا خَبَرُ مَا جَرَى. فَأَجَابَهَا بُطْرُسُ : (( قُولِي لِي أَبِهَذَا الْمِقْدَارِ بِعْتُمَا الْحَقْلَ؟ )) فَقَالَتْ : (( نَعَمْ بِهَذَا الْمِقْدَارِ )). فَقَالَ لَهَا بُطْرُسُ : ((
مَا بَالُكُمَا اتَّفَقْتُمَا عَلَى تَجْرِبَةِ رُوحِ الرَّبِّ؟ هُوَذَا أَرْجُلُ الَّذِينَ دَفَنُوا رَجُلَكِ عَلَى الْبَابِ وَسَيَحْمِلُونَكِ خَارِجاً )). فَوَقَعَتْ فِي الْحَالِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَمَاتَتْ. فَدَخَلَ الشَّبَابُ وَوَجَدُوهَا مَيْتَةً فَحَمَلُوهَا خَارِجاً وَدَفَنُوهَا بِجَانِبِ رَجُلِهَا. فَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الْكَنِيسَةِ وَعَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذَلِكَ " .